الإرث المظلم والمعقد لفلاديمير إيليتش أوليانوف حتي الان بعد ما يقارب 100 عام من وفاته لا يزال من المستحيل الالمام بكل جوانبه,يعتبره الكثيرون من اكثر العقول قوة ونفوذا ومن أجرأ القادة في القرن العشرين, بل يعتبر ايضا احد اكثر الشخصيات التي تتمتع بالشر والغدر
“أسرة رومانوف كانت الأسرة المالكة الثانية بعد أسرة روريك والأخيرة في حكم روسيا”
يعرف اكثر بإسم فلاديمير لينن كرجل روسي ثوري وشيوعي قوي ,وكانوا يصفونه بصفات بعضها متناقض احيانا منها تمتعه بالبصيرة و القدرة علي الاثارة السياسية وشخصيه استبدادية لا ترحم ومفكر عميق وقاتل ايضا ويصفه البعض بانه بطل مخلص.
من كان فلاديمير لينن؟
غالبا ما يشير المؤرخون الي لحظة معينة دفعت لينن (1870-1924) ليصبح ثوريا ,كانت الشرارة الاولي عندما تم اعدام شقيقه الاكبر علي يد الحكومة الروسية تحت حكم القيصر ألكسندر الثالث وكان يبلغ لينن حينها 17 عام
لكن صعوده الثوري الحقيقي نما مع الوقت ,حيث ارتبط بالراديكاليين اثناء دراسته بالجامعة و تعلق بأفكار كارل ماركس وواصل الضغط والحراك من اجل الإطاحة بالحكومة الامر الذي ادي في النهاية الي نفيه الي سيبريا وواصل التمرد بعدها بسنوات بمحاولة ثورة فاشلة عام 1905 خلال تورط روسيا في الحرب العالمية الاولي.
من خلال كتاباته ومحادثاته في جميع انحاء اوربا ناشد انصاره البلاشفه لإشعال صراع يحرض الطبقة العاملة ( البروليتاريا) ضد الأرستقراطية والبرجوازية مما يؤدي الي روسيا الاشتراكية,
وصل كل شيء الي ذروته مع الثورة الروسية عام 1917 عندما تنازل القيصر نيكولاس الثاني ذو القبضة الحديدية في النهاية عن العرش,عاد بعدها لينن من المنفي وتغلب علي الحزب الحاكم واستولي البلاشفة علي السلطة وسرعان ما انهو تورط روسيا في الحرب العالمية الاولي وتم إعدام القيصر وعائلته بأكملها ربما في الغالب بأمر مباشر من لينن.
في سعيه لبناء بلد اشتراكي يتحول بدوره الي مجتمع شيوعي لم يكن لينن واضحا,كلفه ذلك حرب أهلية داميه بين البلاشفه او ما يسمي الجيش الاحمر والفصائل الداخلية الأخرى ملايين الارواح خلال السنوات العديدة التالية ,وقد كان الجيش الاحمر وحشيا بشكل خاص في قتاله وهناك امثلة علي ذلك منها :
- تم إعدام الالاف وربما مئات الالاف من المعارضين دون محاكمه بالاضافه لسجن الكثير منهم ايضا.
- تمرد تامبوف Tambov Rebellion ,عندما تمرد الفلاحون ضد المصادرة القسرية للحبوب رد الجيش الاحمر بإطلاق النار علي الألاف منهم وكذلك سجنهم وفي وقت ما استخدمت الغازات السامه ضد المدنيين.
- المجاعة,مات ما لايقل عن 5 مليون روسي في المجاعة الكبري في اوائل العشرينيات بسبب الجفاف ومصادرة الحبوب وسوء وسائل الشحن والنقل والاضرابات المدنية الكثيرة ,والقي اللوم علي سياسات لينن الصارمه.
كتب المؤرخ العسكري السوفيتي دميتري فولكوجونوف في سيرة لينين لعام 1994: “لم يخف لينين أبدًا اعتقاده بأن العالم الجديد لا يمكن أن يُبنى إلا بمساعدة العنف الجسدي” . “لا أشك في أن لينين أراد السعادة الأرضية للشعب ، على الأقل لأولئك الذين أسماهم” البروليتاريا “. لكنه اعتبر أنه من الطبيعي أن نبني هذه “السعادة” على الدم والإكراه وإنكار الحرية “. وقساوته ضد رفاهية العامة والفقراء
انتصر لينين والبلاشفة (الذي سمي لاحقًا الحزب الشيوعي) في الحرب الأهلية ، وفي أواخر عام 1922 ، تم تشكيل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية رسميًا (الاتحاد السوفيتي) توفي لينين بعد عامين فقط في عام 1924 عن عمر يناهز 53 عامًا ، وخلفه في السلطة ديكتاتور أكثر قسوة ، جوزيف ستالين . وتم حل الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
لينن في روسيا اليوم
توجد لليوم الكثير من تماثيل لينن في جميع انحاء روسيا بالإضافة الي ان جسده قد تم تحنيطه وموجود في ضريح بالساحة الحمراء في موسكو ولا يزال يمثل نوعا من المعالم السياحية حتي الان.
بالرغم من تاريخه القاسي فإنه لا يزال جنبا الي جنب مع المثل العليا للشعب الروسي التي يحتفظ بها الكثيرون, ويعارض الكثيرون ومنهم الحزب الشيوعي القائم اي محاولة لتغيير او نقل الضريح الخاص به ,مما يثير تساؤلات كيف احتفظ هذا الرجل بتأييد وحب الكثير من الناس حتي الان رغم من قساوته وسياسته الدموية؟
الاجابة تكمن ان الكثير من الروس ينظرون للمحصلة النهائية لما وصلت له روسيا فقط وكيف ان لينن نجح في تحويلها الي واحده من القوي العظمي في العالم ,فعندما ينظر الروس للخلف يتذكرون كيف كان الاتحاد السوفيتي كيانا قويا ويعتبرون انفسهم الان في الدرجة الثانية في العالم بعد امريكا وغيرها,قد يكون هذا كافيا للحصول علي مكان مميز لجسده في الساحة الحمراء كشخصية مميزة كان لها اثرها الواضح في تغيير روسيا.
62 views
يرقد جسد لينين تحت تابوت زجاجي في ضريحه ، حيث يعتني به فريق من العلماء الروس الذين يحقنون الرفات بوسائل التحنيط ، حسب الحاجة, الجسم – الذي يتكون فقط من الجلد والعظام وبعض الأنسجة العضلية (أزيلت أعضائه الداخلية في تشريح الجثة عام 1924) – مغطى أيضًا ببدلة مطاطية تقوم بتدوير سائل يساعد في الحفاظ على الجلد