تشير تجربة مبكرة إلى أن الدواء الشائع الاستخدام لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي يمكن أن يقلل من اعتماد مرضى السكري من النوع الأول على الأنسولين، ولكن لا تزال هناك أسئلة
تشير تجربة سريرية مبكرة إلى أن دواء يستخدم عادة لعلاج مرض المناعة الذاتية والتهاب المفاصل الروماتويدي rheumatoid arthritis (RA) يمكن أن يبطئ أيضًا تطور مرض السكري من النوع الأول type 1 diabetes.
كما هو الحال مع التهاب المفاصل الروماتويدي، فإن مرض السكري من النوع الأول هو حالة من أمراض المناعة الذاتية autoimmune condition – في التهاب المفاصل الروماتويدي، تهاجم الخلايا المناعية في الجسم المفاصل، بينما في مرض السكري، فإنها تدمر خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في البنكرياس.
ويعني نقص الأنسولين الناتج أن الخلايا لا تستطيع إزالة الجلوكوز من مجرى الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم و يتطلب علاج مرض السكري من النوع الأول حقن الأنسولين يوميًا.
الآن، أظهرت تجربة سريرية أن قرصًا موصوفًا لالتهاب المفاصل الروماتويدي، يسمى باريسيتينيب “baricitinib”، قد يقلل من اعتماد مرضى السكري من النوع الأول على الأنسولين الخارجي.
وجدت تجربة منتصف المرحلة، التي نُشرت في 7 ديسمبر في مجلة New England Journal of Medicine ، أن البارسيتينيب أبطأ تطور مرض السكري لدى المرضى الذين تم تشخيصهم حديثًا عن طريق الحفاظ على قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين.
كان الدافع وراء البحث هو “منع فقدان إفراز الأنسولين بدلاً من إدارة غياب الأنسولين المنتج بشكل طبيعي“
كما تقول هيلين توماس ، قائدة المرحلة ما قبل السريرية في التجربة ورئيسة وحدة المناعة والسكري في معهد سانت فنسنت الأسترالي للأبحاث الطبية.
قام الفريق بتسجيل 91 مريضًا تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عامًا، وتم تشخيص إصابتهم بمرض السكري من النوع الأول قبل أقل من 100 يوم من بدء التجربة.
(في هذه المرحلة بعد التشخيص، لا تزال أجسام الأشخاص تنتج بعض الأنسولين).
ومن بين هؤلاء، تلقى 60 مريضًا 4 ملليجرام من البارسيتينيب مرة واحدة يوميًا، بينما تناول الـ 31 مريضًا الباقون حبة دواء وهمي placebo pill – تم علاج كلا المجموعتين لمدة 11 شهرا.
طوال فترة العلاج، لم يلاحظ الباحثون أي أحداث جانبية غير مرغوب فيها مرتبطة بالباريسيتينيب، مما يشير إلى أن الدواء آمن لمرضى السكري.
بعد فترة العلاج، خضع المرضى لفحص الدم – كان لدى المرضى الذين عولجوا بالباريسيتينيب مستويات أعلى من الببتيد سي C-peptide، وهو مؤشر لمستويات الأنسولين، مقارنة بالمرضى الذين عولجوا بالعلاج الوهمي.
يصنع البنكرياس الببتيد C كما يصنع الأنسولين، لذا فإن ارتفاع مستوى الببتيد C يدل على وظيفة أفضل لخلايا بيتا في مجموعة الباريسيتينيب.
في الواقع، بحلول نهاية الدراسة، لم يحتاج ثلاثة مرضى عولجوا بالباريسيتينيب إلى أي أنسولين خارجي، في حين تمكن آخرون في المجموعة من تقليل جرعاتهم، مما يتطلب كميات أقل بمرور الوقت.
وفي الوقت نفسه، شهدت المجموعة غير المعالجة أن احتياجاتها من الأنسولين المحقون تتزايد ببطء.
يفترض المؤلفون أن بدء علاج المرضى بالباريتسينيب في وقت مبكر – مباشرة بعد التشخيص أو لدى المرضى الذين تظهر عليهم أعراض ما قبل الفحص – قد يكون أكثر فعالية
ومن خلال فحص الدم، قاموا أيضًا باختبار glycated hemoglobin او الهيموجلوبين السكري (HbA1c)، والذي يشير إلى متوسط مستوى السكر في الدم لدى الشخص خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
كانت مستويات HbA1c لكلا المجموعتين من المرضى متشابهة، على الرغم من أن المجموعة المعالجة أنتجت المزيد من الأنسولين.
وأرجعت هيلين توماس هذه النتيجة إلى تصميم الدراسة حيث جعل الباحثون جميع المشاركين يهدفون إلى الوصول إلى قيمة HbA1c مستهدفة:
إذا أنتج جسمهم المزيد من الأنسولين، فسوف يحقنون كمية أقل من الأنسولين للوصول إلى متوسط نسبة السكر في الدم، بينما إذا صنعوا أقل، فسيتعين عليهم حقن المزيد من الأنسولين للوصول إلى هذا الهدف.
وقالت هيلين توماس إن هذه النتائج لم تفاجئ الفريق، لأنها تتوافق مع ملاحظات الأبحاث السابقة التي أجريت على الحيوانات المصابة بالسكري.
تتضمن تفاعلات المناعة الذاتية عائلة إنزيمية تُعرف باسم كيناز يانوس Janus kinases (JAK)، والتي يثبط نشاطها البارسيتينيب.
أظهر العمل السابق لمجموعة البحث أن مثبطات JAK تعطل التفاعل بين الخلايا المناعية وخلايا بيتا، مما يمنع موت خلايا بيتا – ولهذا السبب افترضوا أن هذه الفئة من الأدوية يمكن أن تبطئ تطور مرض السكري من النوع الأول.
لاحظ المؤلفون قيود التجربة، مثل العدد الصغير من المرضى المشمولين وقصر مدة التجربة، مما منعهم من اكتشاف الآثار الجانبية النادرة.
والأكثر من ذلك، على عكس الدواء الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي لمنع تطور مرض السكري من النوع الأول ، والذي يتم إعطاؤه خلال فترة زمنية واحدة، من المحتمل أن يحتاج البارسيتينيب إلى تناوله بشكل مستمر لمواصلة العمل.
وقالت هيلين توماس إن الخطوة التالية تتضمن مناقشة نتائج التجربة مع إدارة الغذاء والدواء.
وقالت: “على الرغم من أن الدواء تمت الموافقة عليه بالفعل لعلاج أمراض أخرى، فمن المحتمل أن تكون هناك حاجة لمزيد من التجارب قبل الموافقة عليه لعلاج مرض السكري من النوع الأول“.
نجح الباحثون في استخدام الخلايا الجذعية البشرية لعلاج مرض السكري في الفئران