e920c1e4 2f7f 4295 a121 204fad52d68c
تجربة الوجه المقنّع في النوم

استكشاف أسرار الإدراك أثناء الأحلام


مقدمة

هل يمكن لعقل الإنسان أن يُدرك وجود “وجه” في الظلام، حتى وإن لم يكن هناك شيء فعليًا؟ هل يمكن أن ترى أشياء غير موجودة فقط لأن عقلك يتوقع رؤيتها؟ نسعي للإجابة عن هذه الأسئلة من خلال الجمع بين علم الأعصاب، والإدراك، والأحلام.

 

تهدف هذه التجربة إلى فهم كيف يتعامل الدماغ مع الوجوه المشوشة أو الغامضة، خاصة أثناء النوم أو في الحالات القريبة من النوم، وقد كشفت عن الكثير من أسرار الإدراك البصري الكاذب، وألقت الضوء على كيفية تفسير الدماغ للمحفزات عندما يكون في حالة “شبه واعية”.


الأوهام البصرية

على مدار عقود، حاول العلماء فهم كيفية تعامل العقل البشري مع الأوهام البصرية، وخاصة ما يتعلق بالوجوه، وهي من أكثر الأنماط التي يميزها العقل بسهولة.

يوجد في الدماغ منطقة تدعى Fusiform Face Area (FFA)، وهي مسؤولة عن التعرف على الوجوه.
حتى عند وجود معلومات بصرية ضبابية أو مشوشة، يحاول الدماغ بناء صورة “مألوفة”، وهو ما يُعرف بـ Pareidolia – أي رؤية أشكال مألوفة في أشياء غير واضحة.

عندما يُدمج هذا المفهوم مع حالات النعاس أو الهلوسة hypnagogic hallucinations، تظهر ظواهر إدراكية غريبة قد تشمل رؤية وجوه غير حقيقية، خاصة في الظلام أو أثناء الأحلام.


تفاصيل التجربة

 

ماذا لو وضعنا قناع أبيض ثلاثي الأبعاد لوجه بشري مثبت على الحائط المقابل أمامنا قبل النوم.

  1. الحالة الأولى – في اليقظة:

إذا قمنا بالتحديق في الوجه الأبيض الثابت في الظلام مع إضاءة منخفضة من الزوايا.

سيلاحظ معظمنا  رؤية تعابير تتغير على الوجه، رغم أنه جامد تمامًا.

  1. الحالة الثانية – قرب النوم:

النتائج:

  • سيري معظمنا ان الوجوه اصبحت وجوهًا “حية” تتحرك أو تبتسم أو تُغير ملامحها.

  • وسيري البعض الاخر الوجه يبتعد أو يقترب، رغم أنه مثبت او انه قد ينظر إليهم.


التحليل العلمي

تفسر النتائج من خلال مفاهيم متعددة:

1. الهلوسات شبه النومية Hypnagogia:

عندما يكون الإنسان في حالة ما بين اليقظة والنوم، يكون الدماغ في ترددات منخفضة (theta waves)، وهي بيئة خصبة للصور الذهنية العشوائية والهلوسات البصرية.

2. توقعات الدماغ Predictive Coding:

الدماغ لا يرى العالم كما هو، بل كما “يتوقعه” و في غياب مدخلات بصرية واضحة، يبدأ الدماغ بملء الفراغات – في هذه الحالة، يفترض أن القناع يجب أن يتحرك أو يتفاعل، وبالتالي يُولّد صورة وهمية.

3. تأثير الإضاءة والظل:

الضوء الجانبي الخافت يسبب “وهم التحدّب والنتوء”، مما يجعل الوجه يبدو كأنه يتحرك أو يغير ملامحه ويُعرف ذلك بوهم “hollow mask illusion”، حيث يبدو الوجه المقعر وكأنه بارز.

 

 

أوجه التشابه مع الأحلام والكوابيس

الغريب في هذه التجربة أن العديد منا قد يصف الشعور وكأنه “أحلام اثناء اليقظه”.

وهذا يقود إلى الربط بين التجربة والشلل النومي (Sleep Paralysis)، وهي الحالة التي يستيقظ فيها الإنسان ولا يستطيع الحركة، وغالبًا ما يرى “شخصًا يراقبه”.

يعتقد العلماء أن جزءًا كبيرًا من هذه الهلوسات مرتبط بنفس الآلية التي فُعّلت في هذه التجربة : إدراك وهمي بسبب توقّعات الدماغ في غياب مدخلات حسية كاملة.


خاتمة

 

تلك التجربة ليست مجرد تجربة غريبة عن رؤية وجوه في الظلام، بل هي نافذة إلى أعمق مناطق العقل البشري، تلك التي تعمل عندما نكون شبه نائمين، أو نحاول تفسير العالم من حولنا دون إدراك كامل.

إنها تذكير علمي بأن ما نراه ليس دائمًا ما هو موجود فعلاً، وأن الدماغ قد يكون أحيانًا أكبر ساحر على الإطلاق.

 

تجارب علمية قاسية – تجربة مرض الزهري

WP Radio
WP Radio
OFFLINE LIVE