
تجربة “الجسر المتمايل” (The Capilano Suspension Bridge Experiment)
حين يُترجم الخوف إلى انجذاب رومانسي
مقدمة
هل يمكن أن يؤدي الخوف إلى الحب؟ وهل يمكن للعقل أن يخلط بين مشاعر القلق والانجذاب؟
في واحدة من أغرب التجارب النفسية التي أجريت في سبعينيات القرن الماضي، حاول العالمان دونالد دَتون Donald Dutton وآرثر آرون Arthur Aron الإجابة عن هذا السؤال، من خلال استخدام جسرٍ معلّق على ارتفاع شاهق.
فكرة التجربة
أراد الباحثان اختبار نظرية في علم النفس تُعرف باسم “الاستثارة الخاطئة” (Misattribution of Arousal).
هذه النظرية تقول إننا أحيانًا نخلط بين سبب شعورنا بالإثارة (أو التوتر)، فنعتقد أن مشاعرنا ناتجة عن شيء مختلف عن السبب الحقيقي.
مثلاً: ربما يكون القلب يخفق بسبب الخوف، لكن العقل يفسره على أنه انجذاب رومانسي.
تفاصيل التجربة
تم تنفيذ التجربة في كندا عام 1974 باستخدام جسرين مختلفين:
- جسر كابيلانو Capilano Suspension Bridge:
جسر طويل ومعلق ومهتز، يقع على ارتفاع 70 مترًا.
يسبب القلق والخوف وتسارع نبضات القلب عند العبور عليه.
- جسر آخر مستقر وأقصر:
منخفض وآمن ولا يثير نفس القلق أو تسارع نبضات القلب.
التجربة:
وضع الباحثان امرأة شابة (تُجسد دور مساعدة باحث) على منتصف كل جسر.
عندما يعبر رجل الجسر، كانت توقفه وتسأله المشاركة في استبيان بسيط – حيث كان عليهم تأليف قصة قصيرة بناءً على صورة غامضة؛ كانت الصورة المختارة غير جنسية على الإطلاق عمدًا..
بعد ذلك، تعطيه رقم هاتفها وتخبره أنه يمكنه الاتصال بها لاحقًا “إذا أراد معرفة المزيد عن الدراسة”.
النتائج المدهشة
🔍 الرجال الذين التقوا بها على الجسر المرتفع المهتز:
كانوا أكثر عرضة لكتابة قصص فيها إنجذاب وشغف جنسي في الاستبيان.
اتصلوا بها بنسبة أعلى بكثير من الرجال الذين التقوها على الجسر الآمن.
🔬 التحليل:
هؤلاء الرجال كانوا يعيشون حالة استثارة فسيولوجية (بسبب الخوف)، لكنهم “فسّروا” هذه الاستثارة بأنها انجذاب نحو المرأة.
تفسير علمي
تُظهر التجربة كيف يمكن لعقولنا أن “تُخطئ” في تفسير مشاعرنا.
نحن لا نشعر فقط، بل نفسر شعورنا – وأحيانًا نخطئ التفسير.
يعتمد ذلك على فكرة أن المشاعر مثل القلق أو الانجذاب تشترك في نفس الأعراض الجسدية:
✅ تسارع ضربات القلب
✅ تعرق
✅ توتر عضلي
لكن العقل قد ينسب هذه الأعراض إلى الشيء الخاطئ.
أهمية التجربة
تجربة الجسر المتمايل كانت فتحًا مهمًا في علم النفس الاجتماعي لأنها:
أوضحت أن البيئة تؤثر في إدراكنا لمشاعرنا.
بينت كيف يمكن للعوامل غير المرتبطة بالعلاقات (مثل الخوف أو التوتر) أن تعزز الانجذاب العاطفي.
مصادر موثوقة
Dutton, D. G., & Aron, A. P. (1974).
Some evidence for heightened sexual attraction under conditions of high anxiety.
Journal of Personality and Social Psychology, 30(4), 510–517.
رابط الدراسة على APA PsycNet
تجربة العالم المزدحم – جنة الفئران